الاميرة (عادلة خانم) ، هي ابنة (عبد القادر بَك صاحبقران) ، و هي من عائلة (صاحبقران) التي تعتبر من العوائل الكردية العريقة في مدينة (سليمانية) الكردستانية
بعد سقوط (إمارة بابان) الكردية علی يد العثمانيين ، غادر والد (عادلة خانم) مدينة (سليمانية) عاصمة إمارة بابان ، و اتجه إلى مدينة (سنه ـ سنندج) عاصمة إمارة اردلان الكردية الواقعة في شرق كردستان ، و استقر فيها
ولدت (عادلة خانم) عام 1859م ، في مدينة (سنه ـ سنندج)
في عام 1875م تزوجت (عادلة خانم) من حاكم مدينة حلبجة (عثمان باشا جاف) ابن (محمد باشا جاف) أمير إمارة جاف الكردية التي كانت مدينة (حلبجة) عاصمتها الصيفية و مدينة (كلار) عاصمتها الشتوية
و انجبت من (عثمان باشا جاف) عدد من الابناء و البنات
بعد زيارة الامير (محمود باشا جاف) لمدينة اسطنبول عاصمة الدولة العثمانية للتفاوض مع السلطان العثماني (عبد الحميد الثاني) قام السلطان العثماني باعتقال الامير (محمود باشا جاف) لمنعه من العودة إلی مدينة (حلبجة) و عزله عن حكم إمارة (جاف) ، و انيطت حكم الإمارة الى شقيقه (عثمان باشا جاف)
و كان (عثمان باشا جاف) في نفس الوقت حاكماً لمدينة (حلبجة)
بعد عودة (محمود باشا جاف) إلی كردستان عملت (عادلة خانم) علی تقوية علاقة زوجها الامير (عثمان باشا جاف) مع شقيقه (محمود باشا جاف) ، و ذلك لحفظ العلاقات الاسرية داخل الاسرة الحاكمة لإمارة (جاف) و حماية الإمارة التي كانت تعاني من ضغوطات العثمانيين و القاجاريين معاً
و قد استطاعت (عادلة خانم) بأفكارها و ذكاءها ان تساعد زوجها (عثمان باشا جاف) في توجيه الأمور الاجتماعية و الإدارية و السياسية ، بالإضافة إلى الإشراف على الأعمال البيتية و القبائلية التي كانت تقوم بها
و قد اشتهرت بذكائها و قوتها و أفكارها المؤثرة بين ابناء قبيلتها في حل جميع المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية التي تقع في القبيلة
استطاعت (عادلة خانم) بقوة شخصيتها و نباهة عقلها و أفكارها ان تسيطر على جميع أعمال زوجها (عثمان باشا جاف) في مدينة (حلبجة) و سهل (شهرزور) ، و ان تقود قبيلة (جاف) الكردية القوية و تدير جميع امورها بشجاعة
و كانت حكيمة في حكمها ، و قد فتحت سجناً خاصاً للمتهمين من أبناء قبيلتها
بعد وفاة الامير (عثمان باشا جاف) عام 1909م ، تولت (عادلة خانم) كافة شؤون امارة (جاف) خلفاً لزوجها ، و أصبحت الحاكمة الفعلية للإمارة و إدارتها
و ذاعت شهرتها في جميع مناطق مدينة (حلبجة) و سهل (شهرزور) و جبال (هورامان ـ اورامان)
و بما انها تربت منذ صغرها بين أحضان العوائل الكردية الاردلانية النبيلة في مدينة (سنه ـ سنندج)
فقد كانت تزور مدينة (سنه ـ سنندج) بإستمرار و تلتقي بأهاليها و تتقرب إليهم
اعترف العثمانيين بحكم الاميرة (عادلة خانم) ، كحاكمة (قائممقام) لمدينة (حلبجة)
إلا انَّ (عادلة خانم) كانت تعتبر نفسها اميرة لإمارة (جاف) رغم وقوعها تحت النفوذ العثماني ، و كانت تكره العثمانيين و الموالين لهم ، حتى كان جميع الخدم و الحشم الذين يقومون بتقديم الخدمات إليها في قصرها هم من الكرد الاردلانيين ، كما كانت تمنع كل من يتكلم باللغة التركية العثمانية في جلسات ديوانها
و لأن (عادلة خانم) حولت مدينة (حلبجة) إلى مركز سياسي و تجاري كردي عظيم ، كانت سلطات الدولة العثمانية تغار منها باستمرار ، و لذلك لم تسمح (عادلة خانم) للنفوذ العثماني أن يتجذر في مدينة (حلبجة)
و قد لُقبت (عادلة خانم) بـ(ملكة شهرزور) و (أميرة الشجعان )
لم تختصر صلاحيات (عادلة خانم) على مدينة (حلبجة) فقط ، و إنما عبرت الحدود الفاصلة بين نفوذ العثمانيين و القاجاريين ، تلك الحدود التي قسمت ارض كردستان الی شطرین محتلين
و وصلت سلطة (عادلة خانم) إلى مدينة (سنه ـ سنندج) التي كانت تعتبر يوماً عاصمة لإمارة أردلان الكردية
و كانت أوامرها و فرماناتها تمشي على جميع مدن و قری منطقة (اردلان) ، و ذلك لأنهم كانوا يحبونها و يعتبرونها أميرة لأمارة (جاف) و رئيسة لقبيلة (جاف) ، و اعتبروا قراراتها اوامر مطلقة
بعد ان سيطر البريطانيون على مدينة (سليمانية) ، قرر الاحتلال البريطاني التقرب من (عادلة خانم) باعتبارها شخصية كردية قوية و مؤثرة
و لذلك منحت الحكومة البريطانية (عادلة خانم) وساماً من الدرجة الأولى
تذكر ضابطة المخابرات البريطانية في الشرق الأوسط (مس بيل) التي زارت مدينة (حلبجة) عام 1921م ، و التقت بحاكمتها (عادلة خانم) ، قائلة
{لا يمكننا أن نتجاهلها كبريطانيين ، فهي تتصرف مثل سيدة كردية أكبر سناً ، تتمتع بنفوذ أكبر مما يمكنك تخيله ، شخصية مبهرة بملابسها الكردية الجميلة و أهدابها السوداء المغطاة بالقطران ، التي نشرتها فوق ثوبها الجميل من تحت طاولتها الكبيرة}
توفيت (عادلة خانم) بتاريخ 1924.04.11م ، عن عمر ناهز 65 عاماً
و دفن جثمانها في مقبرة (عبابيلي)قرب مدينة حلبج